الجمعة، 22 يونيو 2012

القرار الإداري غير المشروع والقرار المنعدم


يعتبر القرار مجرد عمل مادي وأركانه هي الإختصاص والغاية والمحل.
حيث ينتفي الإختصاص إذا كان مصدر القرار ليس بموظف عمومي بل فرد عادي أو موظف إنقطعت صلته بالإدارة وقت إصدار القرار أو غير مخول يإصدار القرار او موظف عامل بالإدارة لكن الجهة الصادر منها القرار قد إعتدت بقرارها على جهة إدارية أخرى لا تربطها بها صلة. أي إن كان القرار إغتصاباً للسلطة فهو مجرد عمل مادي لا يرقى لمرتبة القرار الإداري.أما الغاية: فالأصل أن مصدر القرار يهدف بقراره إلى المصلحة العامة فإن إستهدف مصلحة شخصية أو مصلحة أخرى كإنتقام/ تصفية حساب….. فركن الغاية ينتفي ويعتبر إعتداء صارخ على الحريات وإغتصاب للصلاحيات لأنه يجب يكون منوط بالمصلحة العامة.والمحل يعتبر أنه هو الأثر القانوني الذي يرتبه أي قرار إداري ويجب أن يكون مشروع ومطابق لأحكام القانون.وإن كان غير مشروع فهو عمل مادي لا يرتب أثار قانونية صحيحة ويشكل إعتداء عل الحقوق والحريات مثال ذلك (فرض ضريبة بقرار إداري).** والبعض يرى حالت إنعدام القرار تتحقق بحالات ثلاث هي:1- حالة كون القرار خالياً من أي توقيع.2- حالة إغتصاب السلطة.3- حالة كون العضو الإداري لا يملك سلطة إصدار القرار وبالتالي يتعدى على إختصاص العضو الذي يملك هذه السلطة.

القرار الإداري المنعدم (المعدوم): هو القرار الصادر من جهة إدارية، والمشوب بعيب جسيم يفقده صفته الإدارية ويحوله إلى عمل مادي بحت. "ليس من أنه أن يرتب أي أثر قانوني من قبل الأفراد أو يؤثر في مراكزهم القانونية، ويعد مجرد واقعة مادية لا يلزم الطعن فيه أمام الجهة المختصة قانوناً للحكم بتقرير إنعدامه، وإنما يكفي إنكاره عند التمسك به وعدم الإعتداد به.

ويعرف البعض القرار المنعدم على أن القرار المنعدم هو• القرار الصادر عن شخص إغتصب سلطة القرار بالمسائل الإدارية.• القرار المجرد من أي موضوع حقيقي.• القرار الصادر خارج وظيفة الإدارة.• والبعض يقول أن إختلال أساس القرار يؤدي إلى الإنعدام، إذ أن فقدان عنصر من العناصر الأساسية للقرار يعدمه، وأنه لا حاجة لإنهائه سوى تقرير إنعدامه أو إثبات حقيقة عدم وجوده. وكذلك يقول البعض أن للإنعدام يجب معرفة الشروط الواجبة لصحة القرار وتلك الشروط المتعلقة بوجوده، فتخلف شروط الصحة تصيب القرار بعدم المشروعية.أما تخلف كل أو بعض الشروط المتعلقة بوجوده تجعلنا بصدد تصرف منعدم. 

ويترتب على القرار المنعدوم أنه يجوز للإدارة أن تسحبه في أي وقت دون التقيد بمدة الستين يوماً (شهرين) لتحصين القرار الإداري "ليكون القرار الإداري محصن"، بل يجوز الطعن فيه أمام القضاء الإداري دون التقيد بالميعاد المحدد للطعن.ومن أمثلة القرار المعدوم صدور قرار إداري من شخص غير موظف ولا يملك سلطة إصداره مما يجعله قراراً معيباً بعدم الإختصاص الجسيم، والذي يسمى إغتصاب سلطة إصدار القرار.

إذاً ما كان القرار الإداري معيب بسببه أو شكله فإن ذلك يؤدي لقابليته للإنعدام وكذلك تختلف إن كان القرار الإداري يؤدي إلى الإنعدام 



رأي الفقه في الرجوع في القرار المنعدم
مما تقدم نجد أن القرار المنعدم معيب بوجوده ولا يولد أي أثر قانوني ولا يدخل النظام القانوني من أي باب لأن عيبه جسيم وهذا العيب الجسيم يمنع سريانه ويلغي وجوده ويلغي صفته الإدارية ولا يمكن أن يحدث أي تعديل ولو تعديل مؤقت في النظام القانوني. إلا أن هذا القول يعطي الإدارة الحق في تجاهل القرار المنعدم، صحيح أن الأفراد لا يقرون إنعدام القرار من عدمه وأن الجهة التي تقرر إنعدام القرار دائماً هي القضاء، إن حق الأفراد في الطلب من الإدارة أو القضاء الرجوع في القرارات المنعدمة هو حق ثابت، على الرغم من أنه لا يمكنهم أن يقروا وحدهم إنعدام القرار أو وجوده حتى لو ظهر أن جسامة العيب تفرض عدم إطاعته، أو المعارضة في تطبيقه، فالأصل أن تكون القرارات الإدارية سليمة حتى يثبت العكس، وليس للفرد أن يمارس دور الحكم وحده على تصرفات الإدارة.

هناك إتجاهين فقهيين في تأسيس حرية الإدارة في الرجوع في القرار المنعدم.
أولاً: إستحالة صيرورة القرار المنعدم نهائياً
إن إكتساب القرار الإداري الصفة النهائية تعني تحصينه من كل طعن ويكون الرجوع بمرور الميعاد المقرر للطعن. وبعدم إمكانية منازعته قانونياً أو عدم إمكانية الرجوع فيه إدارياً. والقرار المنعدم لا يكتسب هذه الصفة، فهو لا يرتب أي أثر قانونياً منذ صدوره والطعن فيه غير مقيد يميعاد. ويمكن للإدارة الرجوع فيه دائماً. وكذلك للقضاء الحق في إصدار الحكم بإنعدامه، كما انه لا يولد حقاً من أي نوع كان منذ صدره وحتى إلغاء الإدارة له أو صدور حكم القضاء بإنعدامه.
ثانياً: القرار المنعدم لا يولد حقاً:يرى أصحاب هذا الإتجاه أن الرجوع في القرار المنعدم يكون بسبب أن هذا القرار لا يولد أي حق، فهو مجرد من كل قيمة قانونية، وعلى هذا الأساس إعتبر بعض الفقهاء أن من بين القرارات التي لا تنشأ حقاً هي القرارات المنعدمة وإن للإدارة أن ترجع فيها في كل وقت.

إذاً إن الأصل في إطلاق يد الإدارة في الرجوع في القرار المنعدم يقوم أساساً على العيب الخطير الذي رافق صدور هذا القرار، إذ أن قصد مصدره هو تنفيذه ومانع التنفيذ هو العيب الجسيم الذي فيه. ولكل صاحب مصلحة حق عدم تنفيذه أو الإعتراف به تلقائياً.
أما القول بأن حرية الإدارة بالرجوع مبني على أن القرار المنعدم لا يولد حقاً هو أمر غير مقبول، رغم أن القول بأن القرار المنعدم لا يولد حقاُ هو صحيح ولكن الرجوع فيه لا يعود لهذا السبب، حيث يتشابه في هذه الحالة القرار المنعدم بالقرار المعيب بعيب بسيط، فكثير من القرارات المعيبة بعيب بسيط تكون غير مولدة لحق مثل القرارات الولائيه. القرارات السلبية، القرارات التنظيمية، ولا يجوز المساواة بين القرار المنعدم وبين هذه القرارات، فالقرارات ا لمنعدمة تكون قد تجردت من قوتها الإلزامية في مواجهة المخاطبين بها، ويحق لهم مقاومتها وعدم تنفيذها.وكل ذلك قائم على أساس أن القرار المنعدم لا يكون موجوداً في أية لحظة ولا يرتب حقوقاً ولا إلزاماً بسبب العيب الجسيم الذي فيه، فنظرية الإنعدام تبنى على فقدانه الصفة الإدارية والعيب الجسيم الذي فيه، وتعطي الإدارة حق الرجوع فيه في كل وقت.

الفرق بين القرار الإداري غير المشروع والقرار المنعدم
1. القرار الإداري الغير المشروع له صفة وطبيعة القرارات الإدارية في حين أن القرار المنعدم تجرد من صفته الإدارية وخرج من دائرة القرارات الإدارية.
2. القرار الإداري الغير المشروع قابل للسحب أو الإلغاء خلال مدة الطعن في حين أن القرار المنعدم يجوز للإدارة أن تقوم بسحبه في أي وقت دون التقيد بمدة معينة.
3. القرار الإداري الغير المشروع يتمتع بالحصانة بعد إنقضاء مدة الطعن بالإلغاء في حين أن القرار المنعدم لا يتمتع بأية حصانة.
4. القرار الإداري غير المشروع يحدث أثره حال صدوره ويستمر هذا الأثر حتى يلغيه القضاء، ويرتب سحبه أثراً قانونياً في الماضي ولا يرتب أثراً قانونياً في المستقبل. أما القرار المنعدم فلا يرتب أي أثر قانوني لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل وتكون كل التصرفات بموجبه إن حصلت منعدمة.
5. القرار غير المشروع يتمتع قبل إلغائه أو الرجوع فيه بكل قوته القانونية، أما القرار المنعدم فلا يدخل في النظام القانوني، لأنه عدم، والعدم لا يتطلب إلا التقرير به.
أما القرار الباطل: فهو قرار يرتب أثار قانونية، ويلزم الأفراد بإحترامه. ولكنه مشوب بأحد العيوب التي تصيب صحة القرار الإداري، وتجعله غير مشروع، كعيب الشكل أو عدم الإختصاص أو المحل …إلخ وبذلك فإن القرار الباطل يعتبر صحيحاً مرتباً لأثاره ما دام قائماً لم يلغ أو يسحب، أو يحكم القضاء بإلغائه.



المرجع
العنوانإنعدام القرار الإداري
الكاتب  المستشار القانونى/ابراهيم خليل
رابط المقالإنعدام القرار الإداري
المصدرالمعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق